
اعتمدها البنك المركزي في المعاملات المصرفية،،
البطاقات المهنية،، تحدي المخاوف والتطمينات..
استهداف تعزيز الشمول المالي وتوسيع قاعدة العملاء المصرفيين..
كيف سيتعامل المركزي في حال طالبت جهات أخرى التعامل بالمثل؟..
مطالبات باعتماد البطاقات الإلكترونية المرتبطة بالبطاقة المصرفية وبالحساب المصرفي..
دكتور هيثم: لابد من آلية للتأكد من المعلومات الواردة في البطاقات المهنية..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
أثار القرار الذي أصدره بنك السودان المركزي باعتماد بطاقات عمل ومهنية صادرة من الجهات العسكرية والشرطية والعدلية كمستندات رسمية في المعاملات المصرفية، ردود أفعال واسعة ولغطاً كثيفاً في الأوساط السودانية بشأن الخطوة ومخاطرها خاصة في الراهن الماثل الذي تواجه فيه البلاد حرباً ضروساً، ترتبت عليها الكثير من المخاوف بالارتياب وانعدام الثقة، وفيما ثمن البعض قرار البنك المركزي وتقديره الكبير للجهات العسكرية والشرطة والعدلية، تخوّفوا آخرون من أن تكون الخطوة مدخلاً لمطالبة مؤسسات حكومية وسيادية أخرى بأن تُعامل بالمثل، الأمر الذي قد يتسبب في فوضى التعامل بالبطاقات المهنية بعيداً عن المستندات الرسمية” جواز، بطاقة شخصية، رخصة قيادة”، وربما يجد بنك السودان المركزي نفسه في حرج ومأزق كبير في حال رفضه الاستجابة لمطالب المؤسسات الحكومية التي تحاول اللحاق بركب من سبقتها من جهات مذكورة في منطوق القرار.
الشمول المالي:
وكان بنك السودان المركزي قد أكد أن خطوة اعتماد بطاقات إثبات الهوية الصادرة من الجهات العسكرية والشرطية والعدلية كمستندات رسمية في المعاملات المصرفية، تهدف إلى تعزيز الشمول المالي وتوسيع قاعدة العملاء المصرفيين، حيث وجه البنك المركزي عبر منشور جديد كافة البنوك باعتماد بطاقات إثبات الهوية الصادرة عن جهات عسكرية وشرطية وعدلية كوثائق رسمية لفتح الحسابات المصرفية وإدارة المعاملات البنكية، واعتماد بطاقات الهوية الصادرة عن الجهات العسكرية والشرطية كمستندات رسمية في المعاملات المصرفية، واصفاً العملية بالتسهيلات الجديدة للقطاع العدلي والقانوني، والتي تشمل استخدام بطاقات القضاة، ووكلاء النيابات، والمستشارين القانونيين، والمحامين لإثبات الهوية داخل المصارف، إضافة إلى تسهيل عمليات فتح الحسابات البنكية وإدارتها لشرائح أوسع من المواطنين، مما يعزز من دمج المزيد من الفئات في النظام المصرفي، مبيناً أن هذه التعديلات تأتي في إطار الجهود المستمرة لبنك السودان المركزي من أجل تبسيط الإجراءات المصرفية، بما يضمن توسيع نطاق الاستفادة من الخدمات المالية في جميع أنحاء البلاد.
منطق الرفض والقبول:
الخطوة التي اتخذها بنك السودان المركزي باعتماد بطاقات إثبات الهوية المهنية، أعادت إلى واجهة مشهد التعاملات الرسمية في مختلف الأطر، أهمية اعتماد البطاقة الشخصية الإلكترونية والتي يتم التعامل بها في معظم دول العالم، حيث يرى محللون اقتصاديون أن خطوة البنك المركزي تمثل تراجعاً عن مسار التوجه العام للدولة نحو الحكومة الإلكترونية، وهزيمة لأنظمة الخدمة المصرفية الإلكترونية التي يسعى تطورها المنطقي إلى اعتماد البطاقات الإلكترونية المرتبطة بالبطاقة المصرفية وبالحساب المصرفي والتي تتيح إجراء المعاملات اليومية بأمان تام على مدار الساعة، ويجد محللون اقتصاديون آخرون العذر للبنك المركزي الذي قالوا إنه واجه صعوبات كبيرة خلال فترة الحرب التي عرّضت المصارف إلى عمليات نهب وسلب واسعة أثرت بشكل مباشر على أداء المصارف الموجودة في مناطق الحرب والتي فقدت كل مدخراتها، مما أقعدها عن الاضطلاع بدورها كمحرك أساسي ومحوري في تنظيم دولاب الحياة الاقتصادية وتأثيراتها على الواقع الاجتماعي والسياسي والأمني، ويحسب للكثير من المصارف السودانية سرعة امتصاصها لصدمة الحرب وتماسكها من أجل التعافي والانطلاق مجدداً من المنصة الصفرية، في وقت كان يحجم فيه الكثير من العملاء عن إيداع أموالهم، حيث ظل الوضع متعثراً إلى أن انفرج شيئاً فشيئاً خلال فترة تغيير العملة.
تيسير المعاملات:
قطعاً انعكس الإحجام عن الإيداع سلباً على الحد من قدرة الكثير من المصارف في الإيفاء بالتزاماتها القائمة على مساهماتها في خدمة وتنمية الاقتصاد الوطني من خلال تمويل المشروعات الحيوية، الأمر الذي دفع بنك السودان المركزي إلى انتهاج العديد من السياسات وإعمال بعض التسهيلات التي تعيد الثقة إلى المصارف، وتزيد من حجم الإقبال عليها، ولعل خطوة اعتماد بطاقات إثبات الهوية الصادرة من الجهات العسكرية والشرطية والعدلية كمستندات رسمية في المعاملات المصرفية، تمثل نموذجاً لتبسيط الإجراءات المصرفية، التي توسع من دائرة استفادة العملاء من الخدمات المالية في جميع أنحاء السودان، ويعتقد دكتور هيثم فتحي المحلل الاقتصادي أن اعتماد قبول البطاقات المهنية لبعض الموظفين في الجهات الحكومية السيادية كمستندات مبرأة للذمة لعملاء المصارف، وفي التعاملات البنكية، بمثابة تيسير المعاملات المصرفية لهذه الشريحة، وطالب دكتور هيثم في إفادته للكرامة بضرورة الاستمرار في تقييم ومراجعة المخاطر التي قد تنجم جراء الاعتماد على هذه البطاقات، مشدداً على ضرورة إيجاد آلية مناسبة للتأكد من المعلومات الواردة في البطاقات المهنية، خشية أن يكون بها نسبة من التزوير، ونوه دكتور هيثم إلى أهمية العودة لاعتماد البطاقة الشخصية الذكية التي قال إنها تشمل جميع السودانيين في الداخل والخارج، وتتميز بوسائل تأمين إلكترونية، يكاد يكون أمر تزويرها مستحيلاً.
خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر تبقى الكرة في ملعب بنك السودان المركزي الذي اتخذ قراره باعتماد بطاقات إثبات الهوية الصادرة من الجهات العسكرية والشرطية والعدلية كمستندات رسمية في المعاملات المصرفية، ورغم المخاوف والمحاذير إلا أن مراقبين يرون أن المركزي لم يتخذ مثل هكذا قرار جزافاً ما لم يكن واثقاً من مألاته وبالتالي عليه تحمل تبعاته وفقاً لضروريات المرحلة والتحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجهها البلاد، مع ضرورة التفكير الجدي في الانتقال الكامل إلى الصيرفة الإلكترونية باعتماد بطاقات الدفع الإلكتروني المعمول بها في مختلف دول العالم والتي تمكّن العميل من التعاطي مع جميع الخدمات المصرفية بأعلى معدلات الأمان عبر الإنترنت من خلال خدمة الكود الآمن وعلى مدار الساعة دون حتى الحاجة إلى التوجه إلى المصارف.