أخبار

اللواء ابوشوك يكتب …القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان في ظل الوضع الراهن

الخرطوم فوري نيوز

لواء ركن بحري دكتور اسماعيل ابوشوك  يكتب …القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان في ظل الوضع الراهن

انعقدت بقاعة المؤتمرات بمجمع الوزارات في 4 نوفمبر 2024 الورشة أعلاه، تحت شعار *قوات مسلحة محترفة ملتزمة بالقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان* . برعاية *وزير الدفاع الفريق ركن يسن إبراهيم يسن* ، وتشريف *عضو مجلس السيادة الانتقالي ومساعد الرئيس الفريق مهندس بحري مستشار إبراهيم جابر* .

قدم السيد وزير الدفاع *الفريق ركن يسن إبراهيم يسن* ، الكلمة الافتتاحية، بعد القرآن الكريم، *مرحباً* بضيف الشرف، وبالسادة الوزراء (وزراء الداخلية، والعدل، والنائب العام، ووزير الشؤون الاجتماعية، وآخرين)، وبالسادة قائد القوات البحرية، و والي ولاية البحر الأحمر، ومدير عام الشرطة، وقائد المقاومة الشعبية والاستنفار، وبالملحقين العسكريين للدول الصديقة والشقيقة ، وبقادة القوات النظامية (جيش، جهاز، شرطة)، وقادة الحركات المسلحة، وممثلي قدامى المحاربين، والإعلاميين ولفيف من الضيوف الاكارم.
*مبيناً* أهمية هذه الورشة وموضوعاتها، وإنها جاءت في ظل أوضاع إقليمية ودولية ومحليه غاية في الصعوبة والتعقيد. *مؤكدا* التزام القوات المسلحة بالقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان منذ تكوينها ونشأتها، *مبيناً* أن القوات المسلحة السودانية ترتكز على أرض صلبة من التجارب والخبرات، وتعمل وفق قوانين مستمدة من دستور عام 2005، وتخوض كل أعمالها وعملياتها بناءاً على قانون القوات المسلحة لسنة 2007 وتعديلاته، ووفق قواعد اشتباك واضحة وجلية، صممت بخبرات وطنية ضليعة، وبتعاون مع الصليب الأحمر الدولي والهلال الأحمر السوداني. *مشيراً* إلى أن هذه الورشة جاءت لتنوير المدعوين والمُجتَمَعين الدولي والإقليمي، إضافة للمحلي، *بمدى وحقيقة التزامنا بالقانون* ، كما إنها (أي الورشة) جاءت لمناقشة 3 أوراق مهمة يُرجى أن تجد نقاشاً جيدا وصريحاً من الجميع، حتى تتمكن الوزارة من التجويد مستقبلا. *داعياً* للجميع بورشةٍ نافعةٍ ومفيدة.

وتحدث السيد وزير العدل بعد ذلك، مبيناً أهمية القانونين الدوليين، ومدى التزام القوات المسلحة السودانية بهما، ومدى تأثيرها على العمليات، في مقابل انتهاكات غير مسبوقة من قبل قوات المليشيا المتمردة، وهي انتهاكات لحقوق الإنسان ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية في ظل القانونين الدوليين، وهي انتهاكات موثّقة من قبل المتمردين بأنفسهم صورة وصوت، وبمقاطع الفيديو التي يبثونها في الإعلام البديل. *مبينا* في تلكم المقارنة، أن الدليل القاطع لكل ذي بصيرة وعقل هو هجرة ونزوح المواطنين من المناطق التي يدخلها التمرد، إلى المناطق التي تسيطر عليها القوات النظامية، إضافة لمدى الاحتفال والاحتفاء من المواطنين بالقوات المسلحة عند هزيمتها للمتمردين أو دخولها لمناطق كان المتمردون ينتشرون فيها.

اختتم *ضيف شرف* هذه الورشة، السيد عضو مجلس السيادة الانتقالي *الفريق مهندس بحري مستشار إبراهيم جابر* ، الجلسة الافتتاحية، *مرحباً* بالحضور، *ومذكراً* باللغتين العربية والإنجليزية، أنه يجب *تعريف* هذه الحرب *بالطريقة الصحيحة*، فهي *قطعا ليست حرباً* بين قائدين ( *Two Generals* )، وليست حرباً بين طرفين ( *Two Parties* )، *ولكنها* *حربٌ بين مليشيا آل دقلوا المتمردة وبين الشعب السوداني وقواته المسلحة* ( *its a war between Al-Dagalo rebel militia against the Sudanese People and their Army* ) . إنها حرب انتهاك لحقوق الإنسان، وهي جريمة ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية (Genocide and crimes against humanity ) وتطهير عرقي (*Ethnic Cleansing*). *داعياً* الجميع *لاستخدام التعريف الصحيح* لهذه الحرب التي يخوضها الشعب السوداني وقواته المسلحة ضد قوات متمردة ومرتزقة *من 13 دولة مقبوض عليهم وتوجد الوثائق و المستندات المؤيدة* . *داعياً* ممثلي الصليب الأحمر *بالصدح بالحقائق المجردة التي يعلمونا*، لا سيما وأن المليشيا المتمردة سرقت مركباتهم وسياراتهم وعلمهم واستخدمتها في نقل وتهريب السلاح. ( The Malitia stole your vehicles, cars, and flag and uses them to smuggle their weapons).

بدأت الفعاليات الأساسية للورشة بعد استراحة مناسبة، حيث ناقشت *3 أوراق* كانت جميعها جاذبة التقديم، شيقة العرض، دسمة المحتوى غنية المكنون، عقلانية الأفكار، منطقية النتائج والتوصيات، قوبلت برضاً تام من المعقبين، والمناقشيين، والمتداخلين، الذين زادوا الأوراق فائدة وقيمة، والورشة ألقاً وأهمية.
ووجدت التوصيات التي خرجت بها الأوراق والمداخلات قبولا و استحساناً من المنظمين.

قدمت *الدكتورة بثينة محمد الطيب التوم* الورقة الأولى تحت *عنوان القانون الدولي لحقوق الإنسان، الآليات الدولية والإقليمية والوطنية* . حيث عرفت اولا حقوق الإنسان *بأنها المبادئ الأخلاقية أو المعايير والقيم الاجتماعية التي تصف نموذجاً للسلوك البشري الذي يُفهم عموما بأنه مجموعة من الـحقوق الأساسية التي لا يجوز المس بها وهي مستحقة وأصيلة لكل شخص في العالم* . ثم أوضحت في لمحة تاريخية كيفية تراكم هذه الحقوق، مبينةً حقوق عرفت بالجيل الأول من الحقوق، وهي *العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية*، ثم الجيل الثاني منها، وهو *العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية*، واخيرا حقوق الجيل الثالث، وهي الحقوق المتعلقة *بالبيئة والثقافة والتنمية*. وأوضحت الفرق بين الواجبات التي يلقيها القانون على الدول (الحكومات) فيما يتعلق *باحترام الحق* (وهي تعني *الامتناع* عن التدخل في حقوق الإنسان أو تقليص التمتع بها )، *وحماية الحق* ( ويعني الاشتراط على الدول أن تقي الأفراد والجماعات من انتهاكات حقوق الإنسان)، *وتطبيق الحق أو تفعيل الحق* (ويتضمن مطالبة الدول باتخاذ إجراءات إيجابية لتيسير التمتع بحقوق الإنسان الأساسية ). موضحةً أن هناك حقوق لا تُعلّق ولا يجوز إيقاف التمتع بها أو انتهاكها في كل الأحوال سلما، حربا أو في حالات الطوارئ *كحق الحياة*. وهو أحد أهم الحقوق التي تنتهكها المليشيا المتمردة بصورة سافرة وكبيرة الان.
ثم تحدثت الدكتورة عن آليات رصد الانتهاكات، كلجان التحقيق وتقصي الحقائق، وآليات حقوق الإنسان *التعاقدية* (التي تنشأ بموجب المعاهدات) ، *وغير التعاقدية* (التي تنشأ بموجب المواثيق) . وأعطت المتحدثة أمثلة للأعداد المهولة للحقوق التي تكفلها القوانين الدولية.

جاءت الجلسة الثانية تحت عنوان *التنسيق المشترك مع القوات المسلحة لحماية النساء والفتيات في الصراع المسلح.* والتي قدمتها *الدكتورة سُلَيْمَى إسحاق الخليفة* مبرزة دور *وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل* التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية والتي أنشئت في العام 2005، *والدور المتعاظم الذي لعبته وتلعبه الوحدة مع القوات المسلحة خلال هذه الحرب* التي *استخدمت فيها مليشيا الدعم السريع المتمردة العنف الجنسي والجنساني كسلاح خاصة ضد النساء والفتيات، والاطفال*، ولم يسلم الرجال والفتيان من ذلك أيضا. حيث يتمتع الجناة *بالسلطة* للقمع والأخضاع وازلال المجتمعات، وكذلك قاموا بالتطهير العرقي الذي شهده العالم أجمع.
وأشارت دكتورة سليمى لتجاربها العديدة مع الضحايا في المناطق الملتهبة خاصة ولاية الجزيرة وكيف أن 70% من الذين عانوا من ويلات هذه الحرب كانوا من النساء والفتيات. وأبدت الدكتورة امتعاضها *للكيفية التي يقابل بها المجتمع ويتعامل مع هذه الانتهاكات* ، حيث انه *يهتم* بمن ارتكب جرائم الاغتصاب، ويتحاور الناس في وسائل التواصل الاجتماعي ويتجادلون هل المرتكب هو فرد من القوات المسلحة أم قوات الدعم السريع التي توثق بنفسها ارتكابها لهذه الجرائم. *دون أن يولوا الضحية في ذاته ونفسه اي اهتمام*، ولم يهتموا بالنساء والفتيات والرجال والفتيان الذين تعرضوا لهذة الجرائم البشعة وما ترتبه عليهم وعلى أسرهم ومجتمعاتهم، حاضرا ومستقبلا، من آثار.

ثم تحدثت بوضوح عن *الوصمة الاجتماعية* والعلاج النفسي والسريري للمتعرضين وأسرهم، وما يلقيه ذلك من *عبئ عظيم على الدولة* يجب أن تضطلع به. مبينةً أن الإجراءات السريرية تتراوح بين منع الحمل وإنزال الحمل وفق القانون، ومكافحة الأمراض التي قد تتعرض لها الضحية كمرض الإيدز.
وختمت دكتورة سليمي ورقتها بالحديث عن بشاعة الاغتصاب الجماعي والاسترقاق الجنسي وبيع النساء والفتيات الذي يتعرضن له.

وجاء *دور القوات المسلحة السودانية في تعزيز القانون الدولي الإنساني وحقوق الانسان*، *كورقة خاتمة للجلسة الثالثة للورشة* قدمها *العميد دكتور حقوقي معتز فضل فضل الله* . وترأسها العميد ركن *دكتور أبوبكر ابودقن* وعقب عليها لواء ركن *دكتور حقوقي السبكي جلال الدين* .

حيث أبرز دكتور معتز *العلاقة القديمة* للقوات المسلحة بالقانون من قبل انشاء قوة دفاع السودان، بل منذ عهد الممالك السودانية (ممالك علوة وكوش، ودارفور، وسنار) وكيف أن السودانيين كانوا يحترمون أعراف القتال بينهم فلا يتقاتلون ليلا ( ليسمحوا بعلاج الجرحى ونقل المصابين، ودفن الموتى الخ)، وكيف أن اعرافهم وتقاليدهم قد توافقت من بعدُ، بالشرائع السماوية (فلا يقتلون امرأة ولا شيخا ولا طفلا ولا يقطعون شجرة)، وكيف انهم سجلوا تاريخا ناصعا بمداد من العزة والشموخ والتعامل الإنساني المنضبط، يتحدث به الاعداء قبل الأصدقاء في مشاركاتهم الخارجية في الحرب العالمية الثانية و جزر القمر، ورواندا الخ.

ثم أوضح العميد دكتور معتز الفرق بين القانون الدولي لحقوق الإنسان والذي يعمل به *سلماً*، ولا تسقط بعض بنوده *حرباً*، *والقانون الدولي الإنساني الذي يتعلق بالحروب*، ويضع التزامات على الجميع للتقيد بها.
*مشيرا* إلى *أن القوانين لم توضع وتصمم لمنع الحرب أو وقف الأعمال القتالية وفظائعها، ولكنها وضعت لجعلها أكثر لطفاً*.

وأوضح الدكتور أن القوات المسلحة أنشأت منذ قديم الزمان *إدارة للقانون الدولي الإنساني* تتبع للقضاء العسكري ، لها، خلال هذه الحرب، *ممثلين في كل غرف السيطرة على العمليات، يقيسون علمياً ووفق القانون الدولي الانساني ووفق قواعد الاشتباك التي وضعت بالتعاون مع الصليب الأحمر الدولي*، وهم ضيوف الان في هذه الورشة، وهم شهود على كل الأعمال والعمليات القتالية التي جرت وتجري خلال حرب الكرامة. و *شرح أمام دهشة الحضور واستغرابهم واستمتاعهم بالمستوى العلمي والقانوني الذي يُتخذ بناءا عليه، قرار الاشتباك مع كل هدف* .
ثم عرج بالشرح لما تقوم به *شعبة حماية الطفل التابعة لإدارة القانون الدولي الإنساني بفرع القضاء العسكري* ، وكيف انها خلال هذه الحرب قامت بالتنسيق مع الصليب الأحمر الدولي، باستلام وتسليم عدد من الأطفال الذين تم أسرهم ضمن الأفراد التابعين للمليشيا المتمردة. واتخذت امام *نظر الصليب الأحمر* كل الإجراءات القانونية اللازمة لفصلهم ورعايتهم والتحري معهم ومعرفة عوائلهم ومناطقهم، ومن ثم تسليمهم للصليب الأحمر.
ونوه سيادته انه اذا كانت هناك أفعال غير قانونية ترتكب من قبل أفراد القوات المسلحة فهي *أفعال فردية* لأن قانون القوات المسلحة يمنع حدوث ذلك ويعاقب بشدة وغلظة كل أنواع التجاوزات، فيتحرى فورا، ومتى ثبت له ارتكاب الفعل من أحد أفراده ضمن اختصاص قانون القوات المسلحة يتخذ الإجراءات بكل صرامة وجدية، وإن كان التجاوز في دائرة الاختصاص الجنائي، تُرفع حصانة مرتكب الانتهاك، ويسلم للجهات المختصة فورا. *فليس هناك فرصة للافلات من العقاب* مهما كان، سيما وأن الحكومة والقوات المسلحة لها آلياتها، *على عكس المليشيا المتمردة التي تفتقر لآليات الرصد والمتابعة والعدالة الناجزة.*

وأجرى سيادته في الختام مقارنه بالصور والفيديوهات للممارسات القانونية للقوات المسلحة في مقابل الممارسات غير القانونية البشعة التي ترتكبها المليشيا المتمردة.

رفعت الورشة التي بدأت عند التاسعة صباحا، وانتهت عند الساعة الثالثة عصرا بتوصيات عديدة وهامة ستجد كل الاهتمام والتبنى.

إن القوات المسلحة السودانية قوات عظيمة، مسلحة بتجاربها وخبراتها وجنودها وشعب يلتف حولها، فهي منه وإليه، ملتزمة بالشرائع السماوية، ثم بالقوانين الوطنية، والأعراف والأخلاق السودانية، وكذلك بالقوانين الدولية الإنسانية وحقوق الإنسان. *فلا خوفٌ منها ولا خوف عليها* ، طالما أن *شعارها الله والوطن* .

*اللهم نصرا عزيزا عاجلا غير آجل* .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى