
أثار موته الغامض لغطاً كثيفاً داخل منظومة المتمردين،،
المسيـريـة بالرزيقات بالميليشيا،، أسفين جلحة..
رغم تضارب الروايات، قرائن الأحوال ترجِّح اغتيال جلحة بيد الرزيقات..
غليان في المسيرية، ومطالبات بالثأر ومغادرة صفوف الميليشيا..
قور: اغتيال جلحة يؤكد أن الميليشيا تنتهج مسلكاً عنصرياً بغيضاً..
الحادثة ستشكل منعطفاً حاسماً في علاقة المسيرية بالميليشيا..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
وصل ثيرمومتر التوتر درجة قصوى من الغليان داخل منظومة ميليشيا الدعم السريع المتمردة على مستوى محاور وجبهات القتال كافة، وذلك على خلفية مقتل القائد الميداني جلحة رحمة مهدي موسى أبوه الذي تتباين الروايات بشأن موته، ولكن المرجّح أنه اُغتيل غدراً على يد الرزيقات والماهرية، فأثار مقتله غضبة المسيرية الذين توعدوا بالثأر والانتقام لقائدهم جلحة الذي كان يقود ثورة ضد الكثير من صور وأشكال التمييز العنصري داخل الميليشيا المتمردة التي يسيطر على مفاصلها أبناء الرزيقات والماهرية الذين استأثروا بالرتب العسكرية، والرواتب، والمخصصات، والتسليح، وطرق إجلاء الموتى والجرحى والمصابين من ميادين القتال، وأماكن تلقِّي العلاج، وهو أمرٌ جعل قبيلة المسيرية وغيرها من الإثنيات المنخرطة في صفوف ميليشيا آل دقلو ليسوا سوى ” بندقجية”، فخلق ذلك أزمة ثقة بين المسيرية والزريقات بلغت ذروتها بمقتل القائد جلحة الثلاثاء الماضي.
روايات متضاربة:
ومنذ إعلان مقتل القائد الميداني جلحة رحمة مهدي، ضجَّت منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية بالبكاء والنحيب على الرجل، فيما أعمل آخرون قراءات تحليلية بشأن الغموض الذي اكتنف مقتل جلحة خاصة بعد أن سارعت غرف ميليشيا الدعم السريع إلى إعلان موته على يد القوات المسلحة، وهو ما ذهب إليه سائقه الخاص الذي أكد أن مُسيَّرةً تحمل صاروخاً استهدفت جلحة داخل سيارته بمنطقة حطاب فأردته قتيلاً، بينما خرج السائق سليماً معافي!!، رواية أخرى قال بها آخرون، إن جلحة، وشقيقه، وخاله، وابن عمته، تم إعدامهم جميعاً رمياً بالرصاص داخل مصنع اليرموك، بحضور عصام فضيل، وإبراهيم مدلل بعد أن تم خداع جلحة ليعود من ضواحي منطقة جبرة الشيخ الواقعة شمال مدينة بارا بولاية شمال كردفان من أجل دفع مستحقاته المالية وتعويضات أبناء المسيرية، حيث تم اقتياده وتنفيذ إعدامه عقاباً له على ما فرَّط في مدينة ود مدني التي يحمّله عبد الرحيم دقلو جريرة سقوطها في يدي الجيش بعد أن قام جلحة بسحب الجنود من قبيلة المسيرية، ولكي تُبعد الميليشيا عن نفسها شُبهة قتل جلحة وتؤكد موته أثناء المعارك مع الجيش، قاموا بنقل جثمانه من مصنع اليرموك حيث تم اغتياله في عملية مصورة شاهدها عبد الرحيم دقلو، وجاءوا به إلى شرق النيل، لتأكيد حبكة مقتله في المعارك عن طريق استهدافه بمُسيَّرة.
صدقت المخاوف:
على كلٍّ تتعدد الروايات والحقيقة واحدة، أن القائد الميداني جلحة مهدي موسى أبوه، قد قُتل، وأن مخاوف قبيلة المسيرية التي ينحدر منها جلحة قد صدقت، حيث بحَّ صوت عقلاء وحكماء القبيلة الذين ظلوا يطالبون أبناءهم المنخرطين في منظومة ميليشيا الدعم السريع بضرورة الانسحاب الفوري من الميليشيا المتمردة التي قالوا إنها بلا قضية ولا تمثل سوى أسرة تطمع في حكم السودان من خلال الانقلاب على السلطة وتقويض النظام، مرتهنةً إرادتها لصالح دولة الإمارات أيقونة الشر التي يسيل لعابها في خيرات وموارد السودان، وكانت هيئة شباب المسيرية لدعم وإسناد القوات المسلحة السودانية قد ناشدت كل الشباب من أبناء القبيلة الخلص الذين غُرر بهم، وأُدخلوا في أتون حرب لا هدف منها، بالانصياع وتحكيم صوت العقل، واتباع طريق الحق والاستفادة من العفو العام الذي أعلنه القائد العام للقوات المسلحة، واستثمار الفرصة في جمع الشمل وإخراج ولاية غرب كردفان إلى بر الأمان، مشددين على ضرورة انسلاخ شباب المسيرية فوراً من شرذمة الدعم السريع والرجوع إلى جادة الطريق والوقوف صفاً واحداً مع القوات المسلحة ضد المرتزقة والمجرمين .
قناعة باغتيال جلحة:
وتبدو قبيلة المسيرية مقتنعة تماماً باغتيال ابنها جلحة مهدي على يدي الرزيقات والماهرية الأمر الذي يدقُّ أسفيناً في علاقة منسوبي القبيلتين داخل الميليشيا المتمردة، ويرى المهندس أحمد سليمان قور أحد أعيان ومثقفي قبيلة المسيرية أن مقتل جلحة واغتياله بهذه الطريقة البشعة يؤكد أن قيادة ميليشيا الدعم السريع اتخذت المنحى العنصري كمنهج بعد أن تملكها الخوف والهزيمة الكبيرة التي ألحقتها بها القوات المسلحة، وقال قور في إفادته للكرامة إن ميليشيا الدعم السريع تعيش حالة من التيه والتخبط بعد أن بدأ يتخلل سرطان عدم الثقة بين مفاصلها، وضربتها انفلونزا التخوين والتشكيك ضد القبائل والإثنيات المكونة لها عدا الرزيقات والماهرية، قاطعاً بأن اغتيال جلحة وتصفيته لن يكون الأخير بل ستستمر الميليشيا في هذا المنحى، منوهاً إلى أن مطاردة القائد أبوجود الذي ينحدر من مسيرية دارفور تؤكد ذلك، وكشف المهندس قور عن مناشدات قام بها شخصياً لجلحة وآخرين للخروج من هذه الميليشيا ولكن غدر الاغتيال كان أسرع، مبيناً أن اتصالاته مستمرة، وأنه مازال يناشد ما تبقى من أبناء المسيرية داخل هذه الميليشيا أن يغادروها فوراً، وقال إن الجنجويد قتلوا من شباب المسيرية وسجنوا بعضهم ونكّلوا بآخرين منهم، وحمّل قور وزر كل هذه التبعات للانتهازيين من ما كانت تسمى عبثاً الإدارة الأهلية، مطالبها بتحمل مقتل جلحة وكل أبناء المسيرية الذين زجت بهم في هذه الحرب الخاسرة، متعهداً بالاستمرار في عملية إخراج أبناء المسيرية من هذه الميليشيا المهزومة.
خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر يبدو أن مقتل القائد جلحة مهدي، سيشكل منعطفاً حاسماً في علاقة المسيرية بميليشيا الدعم السريع، حيث تتواتر أنباء عن انسحابات كبيرة لأبناء المسيرية من منظومة ميليشيا آل دقلو التي تلفظ أنفاسها الأخيرة بعد أن حاصرتها الهزائم الساحقة والمتلاحقة فبدأت تفقد الثقة في منسوبيها، بالتخوين والقتل، فالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله.