
استهدفتهم الميليشيا بمُسيَّرة داخل القصر الرئاسي،،
شهداء الإعـلام،، خلـود في ذاكرة الكـرامة..
فاروق الزاهر، والمقدم حسن، والنقيب عماد الدين، أبرز الشهداء..
رحلوا صائمين في يوم الجمعة وفي العشر الأواخر من رمضان..
استهدفتهم الميليشيا عن قصد لإسكات صوت الحقيقة..
نفذت جريمتها المروعة رغم أنف قوانين حماية الإعلاميين..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
قدمت قبيلة الإعلاميين السودانيين ستةً من الزملاء انضموا لقوافل شهداء معركة الكرامة الوطنية، من بينهم أربعة من طاقم العمل بتلفزيون السودان وضابطان من إدارة الإعلام العسكري والتوجيه المعنوي بالقوات المسلحة، وذلك إثر استهدافهم في هجوم بطائرة مُسيَّرة انتحارية أطلقتها ميليشيا الدعم السريع المتمردة على القصر الجمهوري بالعاصمة الخرطوم، بعد استعادته من قبل القوات المسلحة والقوات المساندة لها صبيحة الجمعة الحادي والعشرين من مارس 2025م، حيث تلقت ميليشيا آل دقلو هزيمة نكراء وساحقة، تكبّدت خلالها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.
مؤشرات وبشريات:
وعقب خروجها مندحرة، استهدفت ميليشيا الدعم السريع القصر الجمهوري بمُسيَّرة انتحارية، أودت بحياة أربعة من أفراد طاقم تلفزيون السودان الذين وصلوا صباحاً لتغطية ملحمة الانتصار الكبير، ونقل أجواء الشغف الحماسي داخل القصر الرئاسي، حيث كان في مقدمة من قضوا، المنتج ومخرج البرامج الشهيد فاروق أحمد الزاهر، والشهيد المصور مجدي عبد الرحمن فخر الدين، والشهيد فني المونتاج إبراهيم مضوي، بالإضافة إلى الشهيد السائق وجَّي جعفر محمد أونور، وتمازجت دماء شهداء التلفزيون بدماء شهداء الإعلام العسكري ممثلين في الشهيد مقدم حسن إبراهيم محمد، والشهيد نقيب عماد الدين حسن محمد أحمد، ليمضي ستتُهم إلى رحاب الله في عليين، مؤكدين على حقيقة تلاحم الجيش والشعب، واضعين أولى لبنات صرح السودان الجديد الخالي من ميليشيا الجنجويد، لقد مضى الشهداء الستة وهم يحملون جوازات صلاحهم المؤشرة ببشريات دخولهم جنةٍ عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين، وهل من تقوى أفضل من أن يُلاقي هؤلاء الأبطال ربهم صائمين، وللصائم فرحتان، لقد مضوا في العشر الأواخر من الشهر الفضيل، وفي صبيحة الجمعة أفضل يوم طلعت فيه الشمس.
رسالة في بريد المعركة:
لقد وضع الشهداء الستة رسالة مهمة في بريد معركة الكرامة الوطنية مفادها، أن الكلمة والصورة والصوت أقوى تأثيراً من الطلقة، وأشدَّ وقعاً وهلعاً في نفوس ميليشيا الدعم السريع الإرهابية المتمردة التي استهدفتهم بمُسيَّرة انتحارية في محاولة بائسة ويائسة لإسكات صوت الحقيقة، وإيقاف نقل البشريات التي حرص الشهداء الستة على عكسها وتوصيلها إلى جماهير الشعب السوداني في الداخل والخارج منذ الساعات الأولى من فجر الخميس عندما تقدمت القوات المسلحة والقوات المساندة لها بثبات لاستعادة رمز السيادة الوطنية القصر الجمهوري، فارتعدت فرائص الميليشيا خوفاً وهلعاً أمام سلاح المعنويات الذي كان يرسله الشهداء الستة عبر الكاميرا والصوت والقلم، راسمين ملامح الاطمئنان على وجوه السودانيين الذين تحلّقوا حول شاشات التلفزيون، ودفنوا أعينهم في أجهزة الموبايل انتظاراً لإعلان الانتصار الكبير، باستعادة القصر الرئاسي، واندحار أوباش آل دقلو، فماتت الميليشيا بغيظها وهي تشاهد اندحارها مبثوثاً على الهواء مباشرةً، فما كان منها إلا أن تلجأ إلى عملها الجبان باستهداف ملائكة الحقيقة ورسل البيان المبين، ولكن هيهات فالوحش يقتل إعلامياً، ولكن الأرض تنبت ألف إعلامي يثور في وجه الميليشيا لنقل حقيقة هزيمتها وسحقها ومحوها من المشهد.
انتهاك المواثيق الدولية:
لقد ضربت ميليشيا آل دقلو الإرهابية بعرض الحائط، وداست بأبواتها النتنة كل المواثيق والقوانين والأعراف الإقليمية والدولية والتي تنادي بحماية الإعلاميين والصحافيين، وتوفير الحماية اللازمة لهم من الأذى أو الاعتداءات أثناء تأدية واجباتهم المهنية في خضم الحروب والنزاعات، ويُعتبر القانون الدولي الإنساني واحداً من أهم المصادر التي تكفل هذه الحماية، حيث تنص اتفاقيات جنيف الموقعة في العام 1949م، على ضرورة حماية المدنيين، خلال النزاعات المسلحة بمن فيهم الصحفيون، عفواً أيها القراء الأعزاء فإن انتقاد ميليشيا الدعم السريع في هذا المنحى ليس سوى دلق الحبر على الورق وإضاعة الوقت، ذلك أن الجرائم المروعة، والانتهاكات المفزعة، وخرق القوانين الإقليمية والدولية ديدن هؤلاء الأوباش الذين لا يبالون بحقوق الإنسان، فيكفي أنهم دفنوا الناس أحياءً دون أن يرفَّ لهم جفن، ومع ذلك سيبقى شهداء القصر من الإعلاميين والعسكريين بمثابة منارات تضيء الطريق للعابرين من قوافل الشهداء الذين قدموا، وما انفكوا يقدموا أرواحهم رخيصة في سبيل الأرض والعرض، فبشرى لهم فقد ربح بيعهم.
خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر، فقد مضى الستةُ الأبرار من قبيلة الصحافة والإعلام شهداء صائمين ليلاقوا ربهم في يوم مبارك، وشهر مبارك، وما أجملها من حسن خاتمة لمسيرة عطاء في ميدان نقل الحقيقة والبشريات، وتطمين الناس بانبلاج فجر الانتصارات، رحل هؤلاء وتركوا في القلب أحزاناً، وفي المآقي دموعاً، ولكن العزاء يبقى في أنهم رحلوا شهداء، والشهادة نصرٌ يسعى إليه جميع المؤمنين، فكيف إذا كانت الشهادة مقترنة بالصيام، ومكتوبة في يوم الجمعة، وفي كنف العشر الأواخر من رمضان، فلنفرح ولنسعد لهذا الاختيار الذي صادف هؤلاء الخيار، الذين أصبحوا اهتمام جميع الناس سودانيين وغير سودانيين، فاستحقوا الدعاء، وكأني بملايين الأكف ترفع في هذه اللحظات المباركات، فيا بُشراكم أيها الشهداء وأنتم تُرزقون أحياء عند رب السماء، وتفرحون بما أتاكم الله من فضله، ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات، بل أحياء ولكن لا تشعرون.