
كتب الأستاذ موسى داؤد يحيى مساعد رئيس حركة تحرير السودان المجلس القيادي الناطق الرسمي بإسم تنسيقية القوى الوطنية
الحوار الوطني: سبيل الوحدة وبناء وطن يتسع للجميع
الحوار هو قيمة إنسانية رفيعة، وأداة حضارية لا غنى عنها لتجاوز الصراعات، وردم الهوات، وبناء جسور التفاهم بين الشعوب والمجتمعات. في السودان، ورغم تبني مختلف الأطياف مشروع “الحوار السوداني-السوداني” اسمًا، إلا أن غياب الإرادة الوطنية، وهيمنة الأنا والذات، قد عرقل تحقيق هذا الهدف النبيل، مما أدى إلى تغليب المصالح الحزبية والتنظيمية على الحس الوطني.
إن بناء وطن يتسع للجميع يتطلب مشروعًا يرتكز على الحب المتبادل، والاحترام، والإرادة الوطنية الخالصة التي تجعل السودان أولوية مطلقة. الحوار ليس رفاهية أو خيارًا يمكن تجاوزه، بل هو الأساس الذي ينبني عليه وجودنا المشترك ومصيرنا الواحد. ولكي يكون الحوار مثمرًا، لا بد من تحقيق ركنين أساسيين: وجود أطراف متعددة تنخرط في نقاش بناء، ووجود قضية محورية واضحة تُبحث بجدية وموضوعية.
نجاح الحوار الوطني مشروط بمقومات أساسية، أبرزها:
التجرُّد والإخلاص للوطن: يجب على المتحاورين تجاوز المصالح الضيقة، سواء كانت حزبية أو شخصية، والارتقاء إلى مستوى المسؤولية الوطنية الكبرى.
الإيمان بقيمة الوطن: لن ينجح الحوار إلا إذا آمن المشاركون بأن السودان كيان يجب الحفاظ عليه وتطويره ليظل بيتًا جامعًا للجميع.
تجاوز الولاءات الضيقة: تحرير العقول والقلوب من قيود الولاءات الفكرية أو القبلية أو الثقافية هو شرط أساس للتوجه نحو بناء وطن يرتكز على المواطنة الحقة وحب الوطن.
الحوار في جوهره يعني العودة والمراجعة، وهو تبادل الأفكار والنقاشات بأسلوبٍ متزن، بعيد عن الخصومة والتصعيد. بذلك، يصبح الحوار ضرورة حتمية لتحقيق التراضي الوطني والوحدة الداخلية، وتجنب الوقوع تحت تأثيرات خارجية قد تعمّق الانقسامات.
لنُحيي وطننا بالتسامح والوحدة، فالبلدان القوية تبنى على تماسك شعوبها وترابطهم. والسودان اليوم ينادي أبناءه لينهضوا به من جديد بوحدة الصف، ونكران الذات، وإرادة مشتركة تؤسس لمستقبل مشرق يتسع للجميع. فبالحوار وحده نستطيع أن نعيد بناء وطننا على أسس صلبة من العدالة والمساواة، لنرسم ملامح الغد المشرق لأجيالنا القادمة.